لعيرج: هذه مطالب أساتذة مغاربة يعيشون على عتبات الفقر بأوروبّا
ينادي عدد من أطر التدريس التابعين لوزارة التربية الوطنية والموضوعين رهن إشارة مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج، والمشتغلين على تدريس "الثقافة المغربيَّة" بالديار الفرنسيّة، بوجوب تسوية أوضاعهم الإداريَّة والماليَّة بما يصون كرامتهم قياسا موظفي وزارة الخارجيَّة الممارسين لمهامهم بذات البلد.
وقال رشيد لعيرج، الكاتب العام لـ "فرع فرنسا" من الجامعة الوطنية للتعليم المنتمية للاتحاد المغربي للشغل، ضمن تصريح لهسبريس، إنّ هذا الملف يدخل في إطار اتفاقيات مع مجموعة من الدول أوروبية، منها الاتفاقية المبرمة بين المغرب و فرنسا في 14 نونبر 1980 والتي تحدد العلاقة بين الأساتذة المغاربة ، وقد عرف منذ 1992، تاريخ إسناده لمؤسسة الحسن الثاني، عدة اختلالات تتجلي خصوصا في تراكمات مادية لفائدة رجال و نساء التعليم عن الترقيات بالدرجات والرتب والاقتطاعات لفائدة CMR والـCNOPS.
ذات الملف المطلبي للأساتذة المغاربة بفرنسا، باعتبارها المستقبلة للكمّ الأكبر من أطر التدريس المغربية المنتشرة بدول الاتحاد الأوروبي، كان محط اشتغال "لجنة مختلطة" سبق أن شكلت عام 2009 من لدن الوزير الأوّل عبّاس الفاسي، "توجت أشغال اللجنة برسالة وزير المالية الأسبق، صلاح الدين مزوار، في الـ10 مارس 2010، والتي تتضمن التسوية المادية والإدارية لرجال التعليم، و تلتها رسالة الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني، عمر عزيمان، التي تؤكد مضامين رسالة وزير المالية، بل وتشدّد على أن رجال التعليم بأوروبا يجب أن يستفيدوا من نفس الحقوق والتعويضات التي يتقاضاها الموظفون المغاربة الملحقون بالخارج، خاصة الملحقون بوزارة الخارجية، وعلى رأسها التعويض اليومي للإقامة والاستفادة من السعر التفضيلي" يقول لعيرج لهسبريس قبل أن يكشف بأنّ الإشكاليات لم تجد سبلا للتسويَات.
وتقوم الحكومة المغربية بتوجيه أفواج من الأساتذة صوب أوروبا باعتبارهم منتمين لـ "بعثات ثقافيّة"، ويمر انتقاؤهم من مرحلة الفرز على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، هذا قبل خوض اختبارات كتابية وأخرى شفهية.. لائحة الناجحين تتشكّل بعدها من أطر تعليميَّة تلحق بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج، ومنهم من يوضع رهن إشارتها أو كمتعاقد معها.
"بالنسبة للتعويضات المادية لرجال التعليم بأوروبا هناك الأجر الذي يتقضاه الأستاذ بالمغرب، وقيمته تحول من طرف مؤسسة الحسن الثاني لحسابه، وإذا كان رهن الإشارة يبقى أجره لدى المركز الوطني للمعالجات.. وبالنسبة للتعويض الجزافي، قبل 2012، كان الإطار التعليمي يتقاضى 1340 أورو التي هي الحد الأدنى للأجور في أوروبا، وقد تم تحيين الراتب ليصل الى 2000 أو 2080 أورو، وإذا تمّت مقارنة هذا التعويض الجزافي مع الغلاء في دول الإستقبال فإنّ صاحبه يعتبر في عتبة الفقر وضمن وضع مأساويّ" يورد لهسبرس كاتب فرع فرنسا من الجامعة الوطنية للتعليم.
نفس النقابيّ المتحدّث لهسبريس قال: "بعد ما جاءت به اللجنة المختلطة ورسالة وزير المالية الأسبق ورسالة الرئيس المنتدب لمؤسسة الحسن الثاني، و ما ضمّه محضر 8 و15 دجنبر 2010، بدأت مراسلة جميع الجهات المتداخلة في الملف من طرف رجال التعليم و تمثيليتهم، دون تلقي جوابات لمدة تزيد عن خمس سنوات، وقد اضطرت هذه الفئة لتأطير نفسها في تمثيليات وتحركت لتبليغ الجهات المسؤولة بوجود معاناة حقيقية و مطالب مشروعة لرجال و نساء التعليم بأوروبا".
رشيد لعيرج يزيد: "اضطررنا للنزول إلى الشارع، أمام سفارة المغرب بفرنسا، إلى جوار زملائنا بمل من مدريد و وبروكسيل، فجاء القرار الذي نعتبره مشؤوما كي يمسّ حقوق الأبناء، في غشت 2013، بإنهاء مهام الفوج الأوّل المشكّل من 144 أستاذا قضوا أزيد من 10 سنوات بالخارج.. وهنا تطرح تساؤلا عمّن يتحمل المسؤولية في بقاء هؤلاء لأكثر من أربع أو ست سنوات بمواقعهم، في غياب إطار قانوني يجمعهم بمؤسسة الحسن الثاني، هل هم من يتحملون ذلك؟ هل هم المسؤولون عن تراكم المتأخرات؟ هل هم من اختاروا هذه الوضعية؟ الجواب في نظري واضح؛ عند بقاء الأساتذة لأكثر من عشر سنوات تترتب عن ذلك ارتباطات اجتماعية بدول الإستقبال، وقد جاء إنهاء مهامهم بشكل يدفعنا لإعلان تعرضهم لإبادة جماعية لا تفرز بين الأولياء والأبناء، فهي ردّ فعل انتقامي ضد الأساتذة و تمثيليتهم جراء خروجهم للشارع ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة".
الجامعة الوطنيّة للتعليم، ممثلة في فرعها الفرنسيّ، تنتظر من مواكبتها للملفّ إقدام الحكومة المغربيَّة على إنهاء مهام أساتذة قدامَى في غشت من العام الجاري، متوقعة أن يطال ذلك 205 من الأطر بداعي تجديد وتشبيب الطاقم التربوي.. وذات التنظيم النقابي يتوقع استهداف تواجد ذات الأساتذة السابقين، بعد احتجاجهم وسط الشوارع الاوروبيّة، بتدريج يتمّ الانتهاء منه عند قدوم صيف العام المقبل.
"هناك أعدادا كبيرة من أبناء الجالية يستفيدون من هذا التمدرس، إذ يبلغ عددهم 75 ألف تلميذ حسب أرقام مؤسسة الحسن الثاني، وهناك اعتراف من المفتشين التربويين لدول الاستقبال، خصوصا فرنسا، بكفاءة الأستاذ المغربي، و يأتي إجراء إنهاء المهام كإجراء انفرادي دون أخذ رأي الأساتذة أو فتح حوار مسؤول معهم من أجل التعاطي مع مطالبهم و مشاكلهم" يقول لعيرج قبل أن يزيد: "لسنا ضد العودة إلى المغرب، لكننا ضد إنهاء المهام بشكل تعسفي سينعكس على أسرنا و أبنائنا.. أعطي مثالا بأستاذ اشتغل لعشر سنوات بالمنطقة الفلامانية أو الكطالونية أو الفرنسية، وأقرنه بمستقبل أبنائه الذي رُهن بتلك اللغات التي يدرس بها، ماذا هيّأت الدولة لهؤلاء؟ هل هؤلاء المغاربة وفّر لهم الوطن ما يتم تجنيده لأبناء موظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أو البعثات الثقافية؟ نتكلم هنا عن لغة التدريس ونحن نتساءل كيفيّة تحقيق هؤلاء الأبناء للاندماج عند العودة".
ويطالب الأساتذة المغاربة الغاضبون بأوروبا، خاصة بفرنسا التي بها العدد الأكبر، بإلغاء قرارات إنهاء المهام قبل الجلوس إلى طاولة الحوار مع تمثيليات أطر التدريس لإيجاد حلول للإشكالات المرصودة، كما ينادي هؤلاء بتوفير التغطية الصحية لهم ولأسرهم بدول الاستقبال، والاستفادة من التعويض اليومي عن الإقامة، وتسريع تنفيذ الالتزامات الموثقة بمحضر دجنبر 2010.
الأساتذة الموكول إليهم تدريس "الثقافة المغربيّة" بأوروبا يمارسون مهمهم بعدد من المؤسسات التعليميّة زيادة على الجمعيات، إذ أنّ هناك أساتذة يواظبون على التنقل بين 7 مؤسسات أسبوعيا قبل الالتحاق بحصص تبرمجها تنظيمات جمعويَة، قاطعين مسافات قد تفوق في مجملها 800 كيلومتر شهرياّ.. بينما التلقين هنا لا يقترن بالمغاربة فقط، بل ينفتح على منحدرين من أصول أخرى منها الجزائرية والتونسية زيادة على دول جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى.
ولذات الأطر مطالب تربوية تنادي بتوفير منهاج دراسي شمولي فيما يهمّ الكتب والمعينات البيداغوجية وسير التكوينات المستمرّة نتيجة لإعمال مقاربات تشاركيّة بين كل الأطراف دون إقصاء للأساتذة، كما ينادون ببحث إمكانية إجراء اتفاقيات بين المغرب ودول الاستقبال لتمكين أطر التدريس من متابعة دراسات جامعية في تخصصات ذات علاقة بمجال الاشتغال.. كما ينادي ذات الأساتذة برفع عدد الحصص التي يستفيد منها التلاميذ كي لا تبقَى محصورة في حصّة واحدة أسبوعيا، داعين إلى إقرار حصّتين اثنتين كحد أسبوعيّ أدنَى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق